لماذا اصبح العالم فجاة اكثر انسانية ؟

احدثت صورة جثة الطفل السوري الغارق على شاطئ احدى المنتجعات السياحية في  تركيا زخما اعلاميا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في الايام الاخيرة , سبقتها حادثة شاحنة الموت التي عثروا عليها الخميس الماضي في النمسا، وبداخلها 71 جثة متحللة، اتضح أن معظمها لمهاجرين سوريين , صور هزت العالم و بدا و كأنها تفتح الاعين حول حقيقة الحرب الدائرة رحاها في سوريا بين المعارضة و قوات الجيش النظامي لبشار من جهة , و فيالق داعش من جهة اخرى .

 

4C5D1B61-77EA-4949-B412-BE134D7DF579_w640_r1_s_cx9_cy17_cw91

 

ماساة اناس يدفعون ثمن صراعات سياسية لا ذنب لهم فيها فهربوا من جحيم الحرب الى مقبرة البحر , لكن لماذا اصبح الراي العام العالمي فجاة اكثر انسانية تجاه ضحايا الحرب و اللاجئين السوريين رغم مرور اكثر من  سنة على انطلاق الازمة السورية؟

تلعب وسائل الاعلام الان دورا محوريا في توجيه دفة النزاع في القضية السورية , و باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي يقع توظيف الصور و الفيديوهات بطريقة ذكية لتجييش مشاعر المتلقين و دفعهم لاشعوريا لاتخاذ موقف يناصر الانسانية ظاهريا و لكنه قد يخدم غيات استعمارية للدول الراسمالية .

فصور اطفال سوريا  ليست بجديدة , فقد كانت قبلها الاف الصور و الفيديوهات عن ضحايا الاحتلال في  فلسطين و العراق و النزاعات المسلحة  في ليبيا و غيرها كثير و عصي على الحصر , لكن الفرق هو توقيت ظهور هذه الصور التي جاءت في وقت لتلقى المسؤولية ضمنيا و علنا على نظام بشار الاسد و تشرع لمزيد من التدخل لقوى الحلف الدولي بدعوى حماية الابرياء و المدنيين من اهوال الحرب .

التامر الدولي على سوريا- الاس
د  ايضا ليس بجديد , و قد تناسى الجميع في فورة الانسانية الطارئة التي اعترتهم ان المانيا ذاتها كانت طرفا في هذه المؤامرة و اليوم تستقبل اللاجئين كنوع من الدعاية المغرضة ضد نظام الاسد و كهجوم من نوع اخر لكن من باستعمال القناع الانساني البراق , و لا ننسى طبعا الدور التركي الممتاز و الذي يديره اردوقان في الازمة السورية و هو فتح الباب للاجئين من جهة , و شن غارات مع الحلف الامريكي – الاوروبي على الاراضي السورية من جهة اخرى.

سوريا دولة مستقلة  جغرافيا و سياسيا  , و كل ما يحدث على ارضها هو شأن داخلي يخص شعبها وحده , لذا لا شرعية دولية لتحالف الدول الغربية على سوريا- الاسد الا شرعية المصلحة الراسمالية المتوحشة التي  تريد تحويل دولة مستقلة الى منطقة انتاج تصب في الميزانيات الغربية , و منطقة تمركز عسكرية تضمن الهيمنة الامريكية على الشرق الاوسط و تسقط بذلك اخر القلاع الروسية في المنطقة  , و في النهاية  يدفع السوريون الثمن مرتين مرة من دمائهم و مرة من كرامتهم الانسانية التي تتلاعب بها القوى الاستعمارية و توظفها لصالحها.

 

بتوقيت تونس العاصمة

فاتن عمري

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*