النزل الحلال في تونس: السياحة على منهج داعش

 

halaltourism_549443610

اذان يرفع في الصلوات الخمس ,رجال بقمصان بيض في غالبهم مصطفون وراء الامام لاداء فيما تصلي النساء في مكان غير بعيد محجوب عن الرجال بساتر , بعد ذلك ينتقل المشهد بنا الى حوض سباحة “حلال” حيث يسبح الرجال في ناحية و النساء في ناحية احرى مرتديات “البوركيني” احدث صيحات الموضة لملابس السباحة الخاصة بالمحجبات .و في الليل يستمتع الجميع بحفلات دينية و اناشيد يؤديها المنشد الديني الان ( المطرب الشعبي سابقا) فوزي بن قمرة (بعد ان تاب الله عليه من العمل في الافراح و الليالي الملاح).

هذا المشهد لا يعبر عن احدى امارات داعش “السعيدة” و “شعب الله المختار الموجود فيها ..ابدا .ان هذا احدث نزل “حلال” في تونس  اين تحولت ملاعب التنس الى جامع مرتجل و اين يؤذن للصلاة على حافة المسبح..مسلمون حداثيون او الوجه الاخر للاسلام دون داعش صورة  ظاهرها محاولة لاعادة البريق السلمي  عن الاسلام و المسلمين لكن مضمونها اعمق بكثير ..هو تقسيم للناس بين مسلم و كافر ختى في طريقة الترفيه و السياحة ..و هو فضاء يلتقي المسلمون” اللايت” ليناقشو ا احوال العالم الكافر المحيط بهم كأن اسلامهم وليد العقود الاخيرة يؤذي مشاعره رؤية امراة ب”بيكيني” على حد قول احدى النزيلات.

 

كل الاجراءات في هذا النزل تمحورت حول اخفاء عورة المراة ,من لافتات كتب عليها “خاص بالنساء” الى مسابح مغطاة بقطع من البلاستيك لتحجب الرؤية من الخارج حتى لباس السباحة الخاص بالمحجبات بدا مصمما خصيصا لذلك المكان

فمن من وجهة نظر النزلاء المسلمين لا يجوز الاختلاط بين النساء و الرجال في المسبح فقسموه الى نصفين نصف رجالي و النصف الاخر نسائي مع منع الاختلاط (الا ان هذا لا يمنع ان يتشاركو ا المسبح في ذات الوقت فذلك حلال لا جدال فيه)ليقطع اجواء المرح الحلال صوت المؤذن من حافة المسبح يدعو الجميع الى الصلاة و نفس المشهد يتكرر في ملعب التنس خيمتان واحدة للنساء و الاخرى لرجال يئمون حريمهم في مشهد ديني مسالم في ظاهره لكنه مرعب في داخله.

من وجهة نظر انسانية هم اناس من حقهم الاستمتاع بعطلتهم كما يحلو لهم و حرياتهم في التجمع و الترفيه و التنقل حق مدستر و مفعل  و هذا النزل هو فضاء ترفيهي لا اكثر  لكن الاشكال اعمق من الوقوف عند الظاهر فقط .

ان احداث نزل على الطريقة الاسلامية “الحديثة” خال من الكحول و من “البيكيني” جاء  في ظرف انتشرت فيه الاسلاموفوبيا بينالتونسيين  و اصبح اي تدين مبالغ فيه مشروع جهادي داعشي  ادعى الى اثارة الذعر و اثارة نوازع التفرقة و التقسيم بين الناس ..فبديهي مادام  هذا النزل “حلالا” فالنزل الاخرى “حرام ” و مرتادوها “كفرة ” و الكافر وجبت مقاتلته و ما الى ذلك من بقية التحليل و التاويل الى ان نجد انفسنا و قد هيانا عشا لداعش بيننا و تحت انظار الدولة و اسماعها و باسم الحقوق و الحريات .مفهوم التقسيم  بدا فجا و عنيفا في ظهوره بصورة رسمية و طال حتى الفضاءات الترفيهية  ما هو الا نتيجة لانتشار الفكر التكفيري و الاقصائي للاخر المختلف و يعكس في ذات الوقت بداية تحول في المجتمع التونسي بعد ان كان وحدة متجانسة في التاريخ و العادات و التسامح مع الاخر .

,نجد الان ظهور كلمة “الحرام” و “الحلال” بدل  كلمة “عيب” و “ما يجيش” (غير ممكن) و ما لها من دلالات دينية عميقة و ما يمكن ان ينجر عنها من عنف كان الشخص المتدين ينصب نفسه حارسا كهنوتيا على المقدسات الدينية ضد كل من يحاول خدش حياء “الاسلام”

 

انها ثقافة كاملة تغرس في الاجيال الناشئة تحمل فكرا غريبا متطرفا تهدد وحدة المجتمع التونسي في العمق و تؤصللنوازع التعصب الديني الى ابعد الحدود .

 

بتوقيت تونس العاصمة
فاتن عمري

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*